تشاء الأقدار أن يولد عيسى بن عطية سنة 1944 في عز الحرب العالمية الثانية ... وفي قرية رقراقة التي تبعد حوالي 7 كلم عن دائرة برج الغدير...ولاية برج بوعرريج.
تلك القرية التي حباها الله بمناظر خلابة تغري الناظرين، و القلعة التي لاتزال تعانق الطبيعة، و مياه عذبة تسرّ الزائرين، وأراضي زراعية من أخصب الأراضي في المنطقة، وأنقاها هواء.
أبوه بن عطية عمر وأمه لبيدي زوينة.
عاش مرحلة طفولته في ظل الحرمان ، حيث أن القرية كانت تنعدم على أبسط المرافق الضرورية.. لاسيما والجزائر كانت لاتزال تحت نير الاحتلال.
وكان عيسى كغيره من شباب القرية يبتكرون ألعابا يتسلون بها، ويعيشون عيشة الفطرة. يرعون المواشي والأغنام ويعتمدون على أنفسهم وعرق جبينهم...
بالاضافة الى ذلك؛ كانت قرية رقراقة من المناطق المحاصرة، والمحرمة أثناء فترة الاحتلال...كون أنها كانت محاذية من الجهة الشرقية لأولاد حناش التي دارت برحاها معارك كبيرة - على غرار معركة قرن الكبش التي سنعود اليها في موضوع منفصل، ومن الجهة الجنوبية الجبال المطلة على المعاضيد والمسيلة ، ومن الجهة الغربية قرية تافرنت التي دارت بها معارك طاحنة.
اضطر إلى الهجرة الى فرنسا عشية الاستقلال للبحث عن العمل... وعمل بها عدة سنوات في مدينة أنماس.. لكنه عاد بداية السبعينيات ليستقر في ظروف بائسة.
تزوج سنة 1975 و عاش فترة في مدينة سطيف حيث يعمل عند سيدة كانت ربة أعمال ... وعاد الى مسقط رأسه حيث كان يشتغل سائق أجرة.
كان عيسى بن عطية قليل المعاشرة، ويتمتع بشخصية قوية...حيث أنه لم يكن يقبل الإهانة ولو مزاحا...وكان سريع الغضب والاعتزال ... ويبتعد عن التجمعات....سواء في المقاهي أو في الدكاكين.
يقوم أحيانا بخرجات تجعل من يعرفه ينفجر ضحكا...وكان يفوق أشهر الممثلين في الجزائر نكتة غير أن الحظ لم يسعفه، و لم يجد من يكتشف فيه تلك الشخصية االكوميدية والروح التي يحتاجها المسرح والأفلام السينمائية في الجزائر. وسنذكر بعض الوقفات حدثت مع عيسى المدعو "التف".
في أحد المرات: حدث سوء تفاهم بينه وبين أحد أبناء عمومته واسمه أحمد...وانقطع التواصل بينهم...وبينما كان عيسى متجها الى الجزائر العاصمة في إطار عمله كسائق أجرة...وجد في طريقه أحمد المدعو الزرقاطي ...وقد توقفت سيارته.
لمحه من بعيد وتأكد أنه يحتاج الى مساعدة...أوقف سيارته وأنزل العجلة وبدأ يسوق العجلة الى أحمد ويتحدث مع العجلة ويضرب المعاني لأحمد دون أن يكلمه. فيقول: إذهبي أيتها العجلة، اركبي ...واقضي حاجته وعندما تكملي مهمة المساعدة عودي الي... ودون الحديث مع أحمد... الخ.
في أحد المرات كان يقوم بتصليح سيارته عند أحد الميكانيكين ببرج الغدير ، فقام أحد الأشخاص بسرقة مذياعه. وتم القبض على السارق واستدعي عيسى لحضور المحاكمة...
توجه القاضي بالسؤال الى عيسى وقال له: هاهو الشخص أمامك مقبوض عليه والمذياع مسكناه غير أن جهته الأمامية فسدت...وكان المذياع اشتراه من من أحد المهاجرين. فقال عيسى للقاضي:
سيدي القاضي : أرأيت كبش العيد؟ تخيل أن الكبش قدموه لك دون رأس؟ هل تقبله للأضحية؟ قال له القاضي: أجبني - هل تسمح له؟
قال له عيسى: سيدي القاضي: أرأيت لو أنه عندك مخزن شعير وهناك فأر يقوم بإتلاف ذلك المحصول وأنت كل مرة تبحث عن ذلك الفأر ، كيف ستفعل له عندما تقبض عليه – وهل لو أطلقته ينته من افساده للمخزن؟ ضحك القاضي وأصدر حكما بسنتين سجنا على الجاني.
في مرة من المرات كان يقود سيارة 404 وكان أحد أفراد مدينة غيلاسة يركب دائما مع السائقين دون أن يدفع ثمن النقل. وكان دائما يستعمل حيلة للتهرب من دفع الثمن وهي أن معه 50 ألف ولا يوجد له صرف... وفي تلك الفترة كانت 50 ألف فرنك تعادل مليون ونصف...فسمع عيسى بالقصة وذات يوم ركب معه... وعند النزول قدم الشخص مبلغ 50 ألف فأخذه عيسى وقال له: عندما أجد الصرف تعال خذ البقية وسار بالسيارة وتركه في حيرة يصرخ...وكل ما يلتقيه يقول له عيسى لم أعثر بعد على الصرف.
ومن الأشياء الغريبة التي كان يقوم بها هو إخراج رجله اليسرى من نافذة السيارة وهو يسوق...مايجعل المارة يستغربون لحركاته اللافتة للنظر.
وقع في حادث مرور في تيجلابين وكلف المحامي الأستاذ عمار خبابه في العاصمة...لينوب عنه في محكمة بومرداس. وكان الأستاذ يطلب منه أن لايأت الى المحكمة حتى تنته قضيته...لكن عيسى كان كل مرة يصمم على الحضور ويكون أمام باب المحكمة قبل أن تفتح المحكمة أبوابها، وكان يتدخل ويتحدث مع القاضي بحضور محاميه مما يسبب له إحراجا.
في إحدى خرجاته : توقف وذهب الى بلدية بليمور وطلب من رئيس البلدية قائلا: أعطونا الطريق أو الرصيف وكان ذلك احتجاجا على سير المواطنين في الطريق وخوفا من وقوع حوادث مرور. وهناك قصص كثيرة لايمكن ذكرها في هذا المقال.
قبل وفاته تغير حاله فأصبح يخالط الناس ويتنقل الى الجنازات ويذهب الى المسجد لاداء الصلاة وقد توفي رحمه الله يوم 11 أفريل سنة 2019 ودفن في قرية رقراقة.
نورالدين خبابه 15 أفريل 2020
تلك القرية التي حباها الله بمناظر خلابة تغري الناظرين، و القلعة التي لاتزال تعانق الطبيعة، و مياه عذبة تسرّ الزائرين، وأراضي زراعية من أخصب الأراضي في المنطقة، وأنقاها هواء.
أبوه بن عطية عمر وأمه لبيدي زوينة.
عاش مرحلة طفولته في ظل الحرمان ، حيث أن القرية كانت تنعدم على أبسط المرافق الضرورية.. لاسيما والجزائر كانت لاتزال تحت نير الاحتلال.
وكان عيسى كغيره من شباب القرية يبتكرون ألعابا يتسلون بها، ويعيشون عيشة الفطرة. يرعون المواشي والأغنام ويعتمدون على أنفسهم وعرق جبينهم...
بالاضافة الى ذلك؛ كانت قرية رقراقة من المناطق المحاصرة، والمحرمة أثناء فترة الاحتلال...كون أنها كانت محاذية من الجهة الشرقية لأولاد حناش التي دارت برحاها معارك كبيرة - على غرار معركة قرن الكبش التي سنعود اليها في موضوع منفصل، ومن الجهة الجنوبية الجبال المطلة على المعاضيد والمسيلة ، ومن الجهة الغربية قرية تافرنت التي دارت بها معارك طاحنة.
اضطر إلى الهجرة الى فرنسا عشية الاستقلال للبحث عن العمل... وعمل بها عدة سنوات في مدينة أنماس.. لكنه عاد بداية السبعينيات ليستقر في ظروف بائسة.
تزوج سنة 1975 و عاش فترة في مدينة سطيف حيث يعمل عند سيدة كانت ربة أعمال ... وعاد الى مسقط رأسه حيث كان يشتغل سائق أجرة.
كان عيسى بن عطية قليل المعاشرة، ويتمتع بشخصية قوية...حيث أنه لم يكن يقبل الإهانة ولو مزاحا...وكان سريع الغضب والاعتزال ... ويبتعد عن التجمعات....سواء في المقاهي أو في الدكاكين.
"في الصورة عيسى مع حماته "
في أحد المرات: حدث سوء تفاهم بينه وبين أحد أبناء عمومته واسمه أحمد...وانقطع التواصل بينهم...وبينما كان عيسى متجها الى الجزائر العاصمة في إطار عمله كسائق أجرة...وجد في طريقه أحمد المدعو الزرقاطي ...وقد توقفت سيارته.
لمحه من بعيد وتأكد أنه يحتاج الى مساعدة...أوقف سيارته وأنزل العجلة وبدأ يسوق العجلة الى أحمد ويتحدث مع العجلة ويضرب المعاني لأحمد دون أن يكلمه. فيقول: إذهبي أيتها العجلة، اركبي ...واقضي حاجته وعندما تكملي مهمة المساعدة عودي الي... ودون الحديث مع أحمد... الخ.
في أحد المرات كان يقوم بتصليح سيارته عند أحد الميكانيكين ببرج الغدير ، فقام أحد الأشخاص بسرقة مذياعه. وتم القبض على السارق واستدعي عيسى لحضور المحاكمة...
توجه القاضي بالسؤال الى عيسى وقال له: هاهو الشخص أمامك مقبوض عليه والمذياع مسكناه غير أن جهته الأمامية فسدت...وكان المذياع اشتراه من من أحد المهاجرين. فقال عيسى للقاضي:
سيدي القاضي : أرأيت كبش العيد؟ تخيل أن الكبش قدموه لك دون رأس؟ هل تقبله للأضحية؟ قال له القاضي: أجبني - هل تسمح له؟
قال له عيسى: سيدي القاضي: أرأيت لو أنه عندك مخزن شعير وهناك فأر يقوم بإتلاف ذلك المحصول وأنت كل مرة تبحث عن ذلك الفأر ، كيف ستفعل له عندما تقبض عليه – وهل لو أطلقته ينته من افساده للمخزن؟ ضحك القاضي وأصدر حكما بسنتين سجنا على الجاني.
في مرة من المرات كان يقود سيارة 404 وكان أحد أفراد مدينة غيلاسة يركب دائما مع السائقين دون أن يدفع ثمن النقل. وكان دائما يستعمل حيلة للتهرب من دفع الثمن وهي أن معه 50 ألف ولا يوجد له صرف... وفي تلك الفترة كانت 50 ألف فرنك تعادل مليون ونصف...فسمع عيسى بالقصة وذات يوم ركب معه... وعند النزول قدم الشخص مبلغ 50 ألف فأخذه عيسى وقال له: عندما أجد الصرف تعال خذ البقية وسار بالسيارة وتركه في حيرة يصرخ...وكل ما يلتقيه يقول له عيسى لم أعثر بعد على الصرف.
ومن الأشياء الغريبة التي كان يقوم بها هو إخراج رجله اليسرى من نافذة السيارة وهو يسوق...مايجعل المارة يستغربون لحركاته اللافتة للنظر.
وقع في حادث مرور في تيجلابين وكلف المحامي الأستاذ عمار خبابه في العاصمة...لينوب عنه في محكمة بومرداس. وكان الأستاذ يطلب منه أن لايأت الى المحكمة حتى تنته قضيته...لكن عيسى كان كل مرة يصمم على الحضور ويكون أمام باب المحكمة قبل أن تفتح المحكمة أبوابها، وكان يتدخل ويتحدث مع القاضي بحضور محاميه مما يسبب له إحراجا.
في إحدى خرجاته : توقف وذهب الى بلدية بليمور وطلب من رئيس البلدية قائلا: أعطونا الطريق أو الرصيف وكان ذلك احتجاجا على سير المواطنين في الطريق وخوفا من وقوع حوادث مرور. وهناك قصص كثيرة لايمكن ذكرها في هذا المقال.
قبل وفاته تغير حاله فأصبح يخالط الناس ويتنقل الى الجنازات ويذهب الى المسجد لاداء الصلاة وقد توفي رحمه الله يوم 11 أفريل سنة 2019 ودفن في قرية رقراقة.
نورالدين خبابه 15 أفريل 2020
إرسال تعليق