وبعد، فإنني أطاول منتهى ذرى الشرف بتقديم هذا الكتاب، وفق رغبة واجبة التنفيذ من فضيلة شيخنا واستاذنا سي عبد الحميد بن سالم والذي تهيكل كتابه في طبعته الأولى ضمن 192 صفحة، وأربعة فواصل فيها نحو 68 مقالة سوى المقدمة والخاتمة.
ولقد قرأته قراءة صبورة وطالعت فيه عشرات المواضيع والعناوين الماتعة التي تعكس إحاطة متنوعة، وتقدم تطوافا واسعا، وإطلالة مدركة مع عمق في الالتزام ، وأصالة في الانتماء للحركة الاسلامية بوسطيتها واعتداها المعروف الموصوف ووطنيتها الصادقة والمخلصة.
إن بيت المقدس هو لب وقلب فلسطين، فهو للمسلم قضية وعقيدة وإيمان وقرآن وأولوية وأبجدية لأنه عنوان العبادة مع السيادة، وهذا ما تجسد في الأستاذ عبد الحميد بن سالم منذ عرفته ،إضافة إلى جاذبية الثبات والصدقية، والمصداقية، والجدية والإخلاص في التعاطي مع قضية الأقصى المبارك، التي كانت أرشيف حياته في كل المراحل. ولقد كان الأستاذ معنا في تأسيس الائتلاف العالمي لنصرة القدس في 14/1/2011م، وكل تفرعاته وتشكيلاته القطاعية والمناطقية والتخصصية، وكان عمودا من الأعمدة الارتكازية لهذا الائتلاف الذي حمل الأستاذ فكرته حيثما ارتحل، وهتف برسالته في كل المحافل، وأبدع في هندسة انتشاره في زوايا الكون الاسلامي الفسيح، وهذا من فضل الله على هذا الائتلاف الوليد أن يقوم على أكتاف رجال ثقات مثل الأستاذ عبد الحميد، الذي تشبع بالأنفة الجزائرية المضخمة بمناخات العمل لفلسطين، وتسلح بتكوين إسلامي عميق وخبرة في دروبه ومسالكه، ولقد تحقق للائتلاف خلال عقد واحد من التأسيس أحد عشر مؤتمرا جامعا، وعشرات الملتقيات الفرعية الجامعة، والتي كان النصاب فيها دوما جزائريا ،فعندما يحضر الجزائريون يقوم النصاب وغالبا ما كانوا نحو نصف الحضور على تنوع الجنسيات، وكان الشيخ عبد الحميد أبرز المحركين والأبرع في التشبيك والاستنهاض.
" عندما تتراجع الفكرة تتقدم الأصنام " عبارة أعجبتني ضمن الكثير مما خطه الشيخ في كتابه، الذي حوى من الرؤى أنضجها، ومن الأسفار أغناها، ومن التجارب أحسنها.
"التطوير والاستدراك" هدية أخرى من الأستاذ عبد الحميد بن سالم تلمس فيه نَفَس الباني الشيخ محفوظ النحناح في حب فلسطين والتفاني في نصرتها، وتلمس فيه تعظيم شأن التشارك والتعاون والتوافق والتحالف والتالف.
بورك الكاتب والمكتوب، وبورك القلم ، وأنا أعلم بأن مالم يكتب أهم مما كتب على أهميته، لأن قلمه تحرر من دائرة الوهم، ودلف مربع الفهم ،وأنطلق الى أفاق الهم والمهمة والاهتمام ،لابل والرباط على طريق تدشين تحرير الأقصى المبارك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سعود سالم أبو محفوظ
الزرقاء-الأردن
3/3/2022 م
إرسال تعليق