هكذا كانت لقاءاتي مع يزيد بن صفية


فاجأني خبر وفاة صديقي وأخي اليزيد بن اصفية قبل أيام. وكما حزنت على رحيل أخ عزيز، وحمدت الله قضائه والله لا يقضي إلا بخير، وقد أراحه من عنت هاته الحياة، وبلائها وما أصابه منها، وأحسب أنه رجل نشأ على صلاح وتربية، أخذناها سويا من معين واحد، ثم ابتلاه الله بما لا تتحمله عزته ونفسه الزكية، وليس أكثر ما يبتلى به الرجل العاقل بمثل ماابتلي به.

 فنالت منه الأيام، وأعيته نظرات الذراري والعوام، لكنه كان متوازنا لا يجالس إلا أقرانه، ولا يتحدث إلا عن قضايا أمته وهو في ذلك الحال، وقد حباه الله بذاكرة قوية، وسرعة في التقاط أخبار الساحة الفكرية والثقافية وآخر التحليلات لسياسية، وكنت كلما التقيته إلا ويعترضني ويوقف سيارتي بعفويته، ويستقبلني مبتهجا، وكنت أسعد بلقائه،

وأتهيأ لمناقشة الأخبار والأحداث معه بتفاصيلها، وخصوصا ما يحدث في الساحة الدولية، وكان غاية في الأدب واللياقة، ويحسن طرح السؤال جيدا، ثم نتذكر أيام الشباب وطرائفه، وأودعه بعدما أسمع منه دعواته التي أحس أنها تخترق السماء، ويسمعني كلمات الحب والود والوفاء، ويعلم الله حبي له وشفقتي على حاله، وهو في تلك الحالة الرثة والاضطراب النفسي الذي يكبته دائما، ويظهر الهدوء والرزانة.

 لقد حز في نفسي قبل أسبوع عندما أخبرتي أخي مسعود بأنه يسأل عني ويريد لقاءي، وقررنا أن نزوره، لكن عاجلتني بعض الالتزامات، فوعدته في الزيارة القريبة القادمة، لكن الموت عاجله، وأجل موعدنا إلى يوم أن نلقى الله تعالى على سرر متقابلين، وسنتذاكر  يومنا نقاشامميزا كان يدور بيننا في موائد الفكر والتربية، حيث كان كثير الاستشهاد بالأحاديث وكلام ابن تيمية، وكنت أقدم أفكاري بقليل من التدليل والاستشهاد، وكان يعجب بها لكن كان يغضب مني ويقول: أنت تعطي لنا كلاما من بنات أفكار ولا تستدل بحديث ولا بآية، فكيف نقبلها منك، فكانت محل طرفة ومزحة بيننا.

نسأل الله أن يتغمده برحمته الواسعة، وأن ينزله منازل المؤمنين، مع النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

الأستاذ: عبد الحميد بن سالم

إرسال تعليق

أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

صور المظاهر بواسطة PLAINVIEW. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget