الشهيد عبد الوهاب خبابة

تشاء المقادير أن يولد عبد الوهاب خبابه سنة 1937، في مدينة سطيف. السنة التي ظهر فيها حزب الشعب الجزائري بقيادة مصالي الحاج، وبعد قرنٍ من احتلال الجزائر واحتفال فرنسا بسيطرتها الكاملة على أراضيها،  وجعل الجزائر إحدى مقاطعاتها فيما بعد البحر... وسنوات قبل مجازر ماي 1945 الأليمة التي راح ضحيتها عشرات الآلالف من الجزائريين.

سطيف العالي: مدينة؛ لم يختر عبد الوهاب الميلاد فيها، ولكن أحبها والده الشيخ  المفتي محمد الطاهر خبابه إمام المسجد العتيق،  لطيبة أهلها المعروفين بالشهامة والوفاء والكرم... وطاب له المقام فيها ، فكانت مسكنه وملاذه  ولم يبدلها الى غاية وفاته وترك فيها أبناء وأحفادا.

وقد نشأ عبد الوهاب خبابه في كنف العائلة  الكريمة رفقة إخوته المجاهدين ومنهم: عبد الحق خبابه، محمد، عبد الرشيد، محمد الحسن... وتربى في وسط عائلي مقاوم  لم تنخره سوسة  الفساد، فكبر على الطهر والعفة والأخلاق  الحميدة. وقد بدأ مشواره الدراسي بحفظ القرآن  الكريم وتعاليم الاسلام.

درس في ابتدائية أومال  Aumale سابقا والمعروفة حاليا بمدرسة الشهيد علام منصور سنة 1943، ثم انتقل إلى ثانوية ألبرتيني  Albertini محمد قيرواني حاليا، وهي الثانوية التي درس فيها بعض إخوانه وجل طلبة سطيف والمدن المجاورة.

 التقى فيها بالطلبة فكون أصدقاء... وبدأ يهتم بأمور السياسة لاسيما وأن سطيف كانت إحدى معاقل الحركة الوطنية، وكان والده محمد الطاهر على علاقة وطيدة  بفرحات عباس والشيخ الابراهيمي كون أنه المفتي المعتمد من قبل ابن باديس في المنطقة كلها.   ويحز في نفسه  التمييز والنظرات القاسية التي كان يستعملها الكولون تجاه الجزائريين.

باشر عمله الثوري سنة 1956، وكان من منظمي إضراب الطلبة بمدينة سطيف، ثم انتقل الى العمل الفدائي وقام بعدة عمليات فدائية بسطيف.

أصبح مسؤول الفداء بعدها على مستوى مدينة سطيف، وبعد أن وصل خبره الى السلطات الفرنسية وأصبح محل بحث ومتابعة،  التحق بصفوف جيش التحرير بالولاية الثالثة، تحت امرة الشيخ العيفة الغني عن التعريف.

لعب دورا كبيرا في التخطيط العسكري في المنطقة، حيث قام بتنظيم عدة عمليات ومنها: الهجوم على المركز العسكري بعين السفيحة، وعلى مركز بوعروة ومركز أوريسيا أين تم القبض على  12 عسكريا  وتم اعدامهم بجبل مقرس بأعالي سطيف.

كما لعب دورا كبيرا في المنطقة،  حيث قام بتطويع بعض الكولون  على دفع اشتراكات لفائدة الثورة الجزائرية...وهي عملية تستدعي التوقف والانتباه.

 وقد أنشأ عبد الوهاب  شبكة في مدينة سطيف لإيصال الاموال لتونس، بعد سقوط شبكة جونسون (حاملي الحقائب) التي كانت مكلفة بإيصال هذه الاموال الى تونس في إطار التنسيق مع سيناتورات الجزائر الممثلين للشعب في البرلمان الفرنسي وقيامهم بإعداد عريضة تمت قراءتها داخل قبة البرلمان الفرنسي. وظل مكافحا ومناضلا  ومسبلا  نفسه  لارضاء الله...  وهمه تحرير الجزائر من ربقة الاحتلال ...

 باستشهاد الشيخ العيفة، كان يتعين بشكل آلي  استخلافه  بقائد جديد للمنطقة،  وكان  وقتها  عبد الوهاب خبابه  هو الذراع الأيمن للشيخ العيفة  والكاتب و العقل المدبر...وقد بدأ التحضير لاجتماع  لتعيين خليفة له، وكانت السيدة ربيحة قبطاني التي كانت رئيسة لبلدية سطيف تتابع الأمر عن كثب لاسيما وأن أخوها قد أعدمه الثوار وتعمل جاهدة للثأر من عائلة خبابه.

وقد تم اختطاف أحد المحتلين المدعو  بيير غايي من قبل العيد الضحوي و اعدامه، فقام  الكولون  بتخصيص مكافأة لكل من يقوم بالتبليغ عن مكان عبد الوهاب خبابه، كون أنه المشتبه فيه  في تنفيذ بعض العمليات ...وبدأ التحضير لتطويق الأماكن التي يتحرك فيها.

 يوم استشهاده؛ كان يوم اجتماع تنسيقي مع أعضاء من الولاية الأولى، وقد تقرر عقده بمنزل المدعو العيد شكمبري، فلم يتم الاجتماع لتعذر حضور بعض الاعضاء، وقبل دقائق من مباغتة الجيش الفرنسي لهم، كانوا ينوون الخروج  من البيت بواسطة سيارة على حرافة. 

 قام الجيش الفرنسي بتطويق المكان ومحاصرة البيت، وذلك يوم 16 جانفي 1962 وطلب منهم الاستسلام، لكن المجاهدين  رفضوا ذلك.  وبعد اشتباك طويل مع قوات الاحتلال دام عدة ساعات...  تم قصف البيت بواسطة دبابة، واستشهد عبد الوهاب خبابه  رفقة عباشة عمار، وعلي حرافة، وأسر المجاهد رابح حربوش  ونقل الى فرنسا  متأثرا بجراح بليغة ...   وقد تم رمي الشهداء  في مكان  بالقرب من مقبرة سيدي حيدر ...و بلغ الخبر العائلة التي تأثرت كثيرا ... فأمر الشيخ محمد الطاهر بدفنهم  هناك.


بعد تحقيقات من قبل جيش التحرير الوطني،  تبين أن الخيانة التي تعرض لها عبد الوهاب خبابه ورفقاءه   كان مصدرها صاحب البيت المدعو "العيد شكمبري"، وقد  تم تنفيذ حكم الاعدام في حقه.

 كما تم إعدام شريكه في الخيانة المدعو روجي، في حين فرّت ربيحة قبطاني التي كانت وقتها رئيسة بلدية سطيف وعلى علاقة بالشخص الذي أريد تعيينه مكان الشيخ العيفة.
  
وقد التحق عبد الوهاب  بقافلة من شهداء الجزائر وعمره  25 سنة.  كان لخبر استشهاده  وقع على العائلة الكبيرة وعلى أصدقائه ومحبيه. وقد أطلق  إسمه بعد الاستقلال على الابتدائية  التي كانت تحمل اسم  بيغان  Peguin  وسط سطيف. 

و ظل إسمه منقوشا في الذاكرة  لاسيما وسط عائلة خبابه  التي أطلقت  اسمه على العديد من الأبناء ... وقد حملت مدرسة صف الضباط في الدرك  الوطني بعين الرمان ولاية سطيف سنة 2015  إسمه.

رحم الله شهيد الوطن ورزقه الفردوس الأعلى . تحقيق وجمع نورالدين خبابه.

إرسال تعليق

[blogger]

MKRdezign

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

صور المظاهر بواسطة PLAINVIEW. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget